لوهلةٍ تشعر أنّ كل الأعمال الدراميّة الرمضانيّة تجاوزتْ علامات التقييم المرتفعة المحقّقة في هوليوود، عبر قراءة التعليقات التي يدوّنها بعض الصحافيين ومدّعي الصحافة عبر مواقع التواصل.
(أحصد مئتيْ إعجاب إن أشدتُ بها، وإنّ انتقدته فيهاجمني جمهوره ويلغي متابعته لي)، قاعدةٌ بات يعتمدها كثيرون، وبعضهم من أهل الاختصاص، لضمان استمرار حساباتهم الإلكترونيّة على قيد الحياة والتفاعل، ولو طعنوا مبادئ مهنتهم وحطّموا جدار النقد الصلب عبر التاريخ، والهشّ للغاية في زمنِ (السوشيال ميديا)، وحبّ الظهور والأرقام وهوس (الترند).
هنا يشعرُ المشاهد بحيرةٍ كبيرة، كيف لم أحب هذا العمل ومعظم من يسمون أنفسهم نقادًا يصفقون لأعماله؟
وهنا نخرّب ثقافة النقد وأكثر نجعل من الشعوب رهينةً لفكرٍ جمعي بائس، وكأننا نغلق كلّ المنابر المتعددة بالشمع الأحمر، ليسود رأي واحد ولو صُنع بالشمع الأسود!
ألا يتوق كلّ قارئٍ إلى قلمٍ يتحدّث عنه ويروي انطباعاته، وكأنه يقولها عبر أحرفٍ أخرى؟
كما يعيش معظم النجوم على كوكبٍ آخر، بات صحافيون كثيرون بعيدين بآلاف الأميال عن قرائهم، الذين صنعوهم وصنعوا نجومهم.
ما الجرم إن نقدنا نجمًا وألغى متابعته لنا ثمّ هاجمنا جمهوره؟
هل يقطع عنا الهواء ويسحب منا بساط النجاح والاستمرارية؟
لماذا أصبح إلهًا لا يُمسّ ومن جعله يبدو هكذا؟
كيف تغيّر النجم عبر الزمن، من كيانٍ يتصل بالناقد ليستمع إلى ملاحظته، إلى مفترس يهين ناقدًا شريفًا لا يُباع ولا تستهويه بلعبة (الترند)؟
ألم يصبح النجم اللبناني شبيهًا للزعيم في لبنان، بسطوتِه وأسلوبه المافياوي وقمعه الآراء المعارضة؟
زعيم لا يرضى إلا بتبجيلٍ، ويردٍ يتصنّع تواضعًا مزيفًا، وإن نُقد خلع قناعه فأظهر مكره وحارب بكلّ الوسائل المتاحة لكيّ لا يهتز عرشه.
عدّة نجوم أصبحوا ككلّ الزعماء، في لبنان الفساد متفشٍ كالسرطان الذي لا يشبع انتشارًا، من السياسة إلى الفن مرورًا بالصحافة وبعض الناس أيضًا!
معادلات وافرة تغيّرت، فأصبح الحق باطلًا والباطل حقًا، لكنّ الحقيقة لا تتغيّر ولا يمكن تغييرها.
نحن موجودون لكيّ نقول لا، وشرفاء كثر يخوضون معنا هذه المعركة.
وإن حملوا الطبل، سنحمل القلم.
دعهم يصفقون، ونحن نكتب، فأيادينا لم تُخلق لتكرّس الباطل ولا لتسكت عنه، بل لتظهر الحقيقة مهما كلّفنا ثمنًا.
أهلًا وسهلًا بمن يتقبّل حقيقتَنا، و(اللّي مش معاجبه الله معه)!
عبدالله بعلبكي – بيروت