لم أكن أعرف أن نوال الزغبي بكل هذا العمق في الوعي السياسي، وبكل هذه البسالة في مواجهة أشباه الرجال الذين حولوا لبنان من وطن إلى وكر لصوص، وحولوا بيروت من (ست الدنيا) إلى خليلة للعابثين فيها ليلاً والراكلين المتنكرين لها نهارًا.
نادرًا ما كانت تدلي نوال برأيها السياسي. كانت إن حكت فبهدوء وخفر، محاولة الابتعاد عن روائح العفن كي لا يطالها منه.
لكنها الآن دخلت إلى الثورة ترفع قبضتها وتصرخ بكلماتها وتوجيهاتها وانتقاداتها الصارخة، بل تلعن الحكام وترميهم بعصير أوجاعها كمواطنة نالها من عهرهم ما ناله كل لبناني.
ها هي الزغبي العصامية التي بنت مجدها من تحدي الأيام العسيرة، والتي صمتت طويلاً، ها هي تشمر عن قلبها المحروق مثل قلوبنا المشتعلة، وتدخل الثورة رافعةً رايةَ المطالبة بإعتاق لبنان من زمرة الفاسدين #كلن_يعني_كلن.
كتبت قبل أيام:
(غريب أمر هالسياسيين بلبنان. بتطلّع حواليك بتشوف الناس يئسانين خسروا كل شي وبلد منهار كلّيا. وفي “مسؤولين” عايشين على غير كوكب عم يشتغلوا كأنوا ما صاير شي، وكل همّن بعد يتخانقوا ع قالب الجبنة ومحاصصة السلطة بهالبلد. ليش رح يبقى بلد تتقاسموا؟)
وقبلها كتبت: نوال الزغبي تنتفض هل سيبقى لبنان كي تتقاسموه
واليوم تثور مع الجائع والمحروم والباكي والشاكي والمنهوب، وكأم وابنة تطلق هذه الكلمات التي تعبر عن وعي وحكمة ورفض وتمرد شجاع.
نوال قلّت مثيلاتها وكتبت الآن: (مرق عهالبلد حضارات وجيوش واحتلالات، ما حدا اذي اللبناني متل الحاكم اللبناني وما في محتلّ نكّل بشعبي متل الطبقة اللي حاكمتنا. بس بقوة الله الانتقام جايي ورح نشوف فيهم يوم).