كبار نجوم ونجمات لبنان تضامنوا مع ثورة اللبنانيين التي أثنى عليها الكون بأسره، ضد الفساد ومحاصصات أحزاب السلطة الجائرة التي اعتمدت على الزبائنية وتخلت عن مصالح شعبها واختلقت هندسات مالية ومصرفية استغلالية على قياسها أملأت جيوبها وأفلست البلاد وأفقرت الناس منذ بداية تسعينات القرن الفائت.
الفنان أو الممثل الحقيقي من يكون ابن مجتمعه، وأول ما يتعلمه إن كان أكاديميًا أن يساهم بإيصال وجع الناس عبر تقديم أعمال واقعية تمس صلب المعاناة العامة، وإن لم يدرسها فإنه يدرك أهمية رسالة الفن عبر التجربة، وكلّ ما كان العمل أكثر قربًا من حياة الناس كلّما نجح وارتفعت جودته وحقق انتشارًا بعيدًا عن الأرباح المادية التي تتأثر إيجابًا أيضًا.
في لبنان، لطالما كان الممثل مقموعًا مضطهدًا ومحرومًا من أدنى حقوقه، يموت كالمواطن على أبواب المستشفيات، لا نقابة تساعده وتقدّم له التسهيلات، يفني كلّ وقته يقدّم للفن ويزرع أجمل الابتسامات، ويملئ جيوب المنتجين وأصحاب المحطات، وينتهي عمره وحيدًا دون أن يقدّم له أحدٌ حتّى نعمة الموت بكرامة.
المغني ليس أفضل رغم توفر شركات الإنتاج ودعم الإعلام المحلي الرائج عربيًا، وكلنا رأينا نهاية الكبار الذين صنعوا رونقًا مميزًا للبنان، ومن منا ينسى كيف رحلت الصبوحة ومعها وديع الصافي وبعدهما الموسيقار ملحم بركات وغيرهم!
هذه الثورة التي صرخت تنادي مطالب معيشية واقتصادية واجتماعية وإنسانية من كلّ ساحات الوطن، يجب أن تمثّل أي فنان يعد نفسه من صلب هذا المجتمع المقهور، وتُعد هذه الانتفاضة غير المسبوقة امتحانًا جديًا لكشف معدنه، إن كان مؤمنًا برسائل مهنته السامية أو متاجرًا مجردًا من المشاعر وكلّ ما يعنيه جني المال ولو كان المقابل أن يدفع كل شيء يتعلّق بمبادئه وأخلاقه وأحيانًا جسده.
غالبية نجوم الصف الأول دعموا هذه الثورة والأسماء كثيرة، أما القلة الذين رفضوا تأييدها وناصروا السلطة فكانوا من الأسماء التي غابت في السنوات الماضية عن الشاشة ولم تحظَ بفرص عديدة لتتواجد، وبعض منها تراجعت والأخرى انطفأ نجمها، وهذا ما نستغربه لأنه منطقيًا كان عليها أن تكون أول من يشارك في المظاهرات كونها أكثر من تأثر أو أُبعد عن فرص العمل، وعانى من البطالة كمعظم اللبنانيين.
- شربل خليل
الكاتب والمخرج اللبناني شربل خليل قدّم عدة برامج ساخرة نقدت الطبقة السياسية الحاكمة بكافة رموزها ولم يستثنِ أحدًا حتّى سماحة السيد حسن نصر الله الذي قلّد شخصيته عام ٢٠٠٦، ما أدى لنشوب احتجاحات ومظاهرات غاضبة ضده. أشتُهر بتمرده ورفضه لسياسات الزعماء التي أودت لبنان للخراب، وغاب لعدة سنوات عن الشاشة رغم نجاحه الكبير في بداية الألفية الثالثة وانتقاله بين عدة محطات أبرزهم (الجديد) و(ال بي سي)..
شربل أصدر حكمًا تخوينيًا بحق الثوار منذ اليوم الأول لانتفاضتهم في ١٧ تشرين، لكنه عاد وناقض نفسه وقال إن الثورة كانت نظيفة في أيامها الثلاث الأولى، وكأنه لم يرَ مشاهد الوجع والألم على أغلب المتظاهرين الذين خلعوا العباءة الحزبية وحلموا بلبنان الدولة العلمانية التي تؤمّن أدنى حقوقهم فيصبحوا على الأقل يعيشون كالحيوان في البلاد الغربية، وعوضًا عن التفاخر بانتفاضة اللبنانيين التي دعا لها بشكل غير مباشر عبر برامجه، ودعمها، حاول تجيير متابعيه لصالح السلطة ووصف الناس بالزعران وبات يكتب كلّ يوم ضد الثوار بطريقة هزلية، ليتحوّل شربل من ناقدٍ للسلطة إلى ناقدٍ للشعب.
إقرأ: شربل خليل للثوار: (زعران وسوف تظلون زعران!) – وثيقة
مواقفه المعارضة لإرادة اللبنانيين في الشارع أفادته لأنه صار من أكثر الشخصيات متابعةً وجدلًا في لبنان، وعاد ليصبح اسمه متداولًا بصرف النظر عن الطريقة.
- سهى قيقانو
تتمسك الممثلة اللبنانية سهى قيقانو بالمنتج والمخرج اللبناني مروان حداد وتجلّله ليلًا نهارًا عبر حساباتها مع شركته (المروى غروب)، لأنه كان الوحيد تقريبًا الذي منحها أدوارًا تركت بصمة عند المشاهدين، آخرها دور (انتصار) في مسلسل (الباشا) الذي نجح بحصد نسبة مشاهدة مرتفعة في رمضان الماضي رغم المنافسة الطاحنة مع أكبر الأعمال اللبنانية السورية المشتركة.
كانت تغيب لسنوات وتطلّ، وتصف نفسها بالممثلة المزاجية التي تختار أعمالها بدقة لكن الواقع يقول أن المنتجين على الأقل لا يركضون ليعرضوا عليها النصوص، هذا ما نعرفه في الوسط ولا نشكك بموهبتها إنما أسهمها كممثلة ليست مرتفعة ولا تجذب القائمين على الصناعة.
سهى أدركت هذه المعادلة التي أبعدتها، فحاولت أن تثير الجدل عبر تغريداتها المستفزة وحتى قبل الثورة، فدعت لحرق الفلسطينيين في أفران هتلر وعادت واعتذرت، ثمّ دعت كلّ من ينقدها للتواصل مع مكاتب التيار الوطني الحر الذي تدعمه ثم عادت وعدلت موقفها بعدما أحرجتها إدارة التيار، ومؤخرًا أصبحت تشتم بشكل سوقي الثوار وتعتدي على زملائها وزميلاتها وتقلل من شأنهم وكأنها الناقدة الأولى التي يحق لها أن تقيّم الأداء والأعمال.
إقرأ: سهى قيقانو تهاجم ريتا حرب: (يا محترمة يا قديسة)! – وثيقة
نجحت الممثلة اللبنانية في أن تصبح واحدةً من أكثر الأسماء المتداولة بفضل الثورة، كشربل من الناحية السلبية، وإن كان المخرج اللبناني لم يتدنَ في استخدام مصطلحات سوقية وزقاقية كسهى.
- سمير صفير
الملحن سمير صفير أصبح فجأةً ناشطًا في التيار الوطني الحر، وعارض الثورة منذ يومها الأول واستعرض عضلاته وكأنه يظنّ أننا في بلد ديكتاتوري وأنه باستطاعته أن يختبئ خلف تياره الحاكم مهما فعل، وأهان الناس واعتدى على مراسلة أم تي في جويس عقيقي بعدما وصفها بالعاهرة، ما أثار سخطًا جماهيريًا وفنيًا واسعًَا.
إقرأ: سمير صفير يعتدي على صحافية في القصر الجمهوري – فيديو
سمير رغم أعماله الرائعة التي حققت نجاحًا في بداية الألفية الثالثة، غاب منذ سنوات عديدة عن الإصدارات ولم يعد يتعامل معه الفنانون والفنانات كالسابق، وانطفأ نجمه، فحاول اقتحام ميدان السياسة وقدّم عملًا لرئيس الجمهورية ميشال عون تحت عنوان (معك يا بي التغيير)، لكنه لم يحقق أي أصداء.
بعد إهانته لجويس وشتمه للثوار، نجح الملحن اللبناني بخطف الأنظار نحو اسمه من جديد، ليصبح بعد ١٧ تشرين من أكثر الأسماء تداولًا وبحثًا على (السوشيال ميديا).
- زين العمر
زين العمر كان الأكثر اتزانًا بين الفنانين الذين أيدوا السلطة، فعارض الثورة بلهجةٍ غير متدنية، وقال إنه يؤمن بقدرة رئيس الجمهورية على الإصلاح، ولم يمانع أبناءه أن يشاركوا الثوار مظاهراتهم كما زعم.
الفنان اللبناني قدّم أعمالًا ناجحة في بداياته، لكنه غاب في السنوات الأخيرة وتراجع مستواه وجماهيريته، وعاد وبرز اسمه من جديد بعد الثورة اللبنانية.
إقرأ: زين العمر يصف ممثلًا لبنانيًا بالشاذ؟ – صورة
كثيرون عليهم أن يشكروا الثوار الذين أعطوهم ما عجزت السلطة التي يدافعون عنها بشراسةِ لمدة ثلاثين عامًا عن إعطائهم، وفي الأسفل نوثّق كل ما كتبناه عبر الأدلة التي تظهر مدى التقدم الذي حصده نجوم عارضوا الثورة بعد ١٧ تشرين الأول من العام المنصرم حسب محركات البحث العالمية.
عبدالله بعلبكي – بيروت