في أي عمل درامي، يجب أن تتلاقى الخطوط الدرامية المتفرعة ،على نقاط مشتركة، أو تتداخل لتؤدي الغرض المطلوب من الحكاية.
في مسلسل (أولاد آدم) كتابة السوري رامي كوسا، تطل الممثلة اللبنانية رانيا عيسى بدور نائبة في البرلمان اللبناني، ونراها صديقة البطلة ماغي بو غصن، التي تلعب دور قاضية التحقيق الأولى دينا علم الدين لتتحول بعدها إلى وزيرة عدل.
ونشاهد في مشاهد دخيلة بل في خط درامي منفصل منعزل تمامًا، التالي:
النائبة رانيا عيسى خانت صديقتها ماغي بو غصن مع زوجها مكسيم خليل، ثم تلقت اتصالاً من شخصية سورية كبيرة طلبت منها تهريب أموال سورية كاش عبر مطار بيروت الدولي إلى اسطنبول، ثم تلتقي النائبة مع رئيسها أي رئيس مجلس النواب، الذي يغطي جريمتها وحين تعود تموت بانفجار على طريق المطار.
هذه كل حكاية النائبة التي انتظرنا رابطًا بينها وبين كل أحداث المسلسل لكن لم يحدث.
دخلت النائبة إلى القصة وخرجت منها مع ابنتها وزوجها ورئيسها ولم نفهم لماذا وما علاقتها بكل الحكاية!
توقعنا قبل ختام المسلسل أن يكون مكسيم خليل متورطًا بقتلها، طالما أنه يلعب دور الإعلامي السوري في محطة لبنانية وصديق أكبر وأخطر تاجر مخدرات، وبالتالي لا بد أن تربطه علاقات مع شخصيات سورية تهرب الأموال!
توقعنا أيضًا أن يكون تاجر المخدرات اللبناني (مجدي مشموشي) قتلها فيدخل السجن مثلاً، أو ربما قيس الشيخ نجيب السوري اللص في لبنان فيورطه أحدهم أو يتورط صديقه الشرطي فيقعان ضحية لعبة سياسية كبرى؟
فوجئنا في الحلقة الأخيرة بأن وزيرة العدل تلتقي مع المحقق الأول في الجريمة فيخبرها أن (التحقيق لا يزال مستمرًا)!
وفوجئنا أن وزيرة العدل لم تلاحق قضية صديقتها، كي نشاهد بعض التشويق في عمليات التحقيق، ولم تسأل الوزيرة زوجها مكسيم خليل عما إذا كان متورطًا بقتل النائبة حين شاهدت فيلمه الجنسي معها.
فقط استقبلت الوزيرة ماغي بو غصن التعازي مع زوج النائبة الذي أخبرها أنه سيغادر لبنان مع طفلته في مشاهد لا علاقة لها بالقصة أبدًا، ولا بالسياق العام لأحداث المسلسل، وحتى في مشاهد العزاء لم يحدث ما ينتج عن أحداث مقبلة، فقط كانت مشاهد لا علاقة لها بالفحوى العام لكل الحدوثة، حتى يمكن أن تُعرض وحدها، بل وتكاد تكون قصة وحدها لكن مبتورة وبدون بداية ولا نهاية.
ما الغاية من زج قضية الاغتيال في فضاء خاص بها خارج اللعبة أو الحبكة؟
ماذا أخبرنا الكاتب؟ هل أراد أن يعمم أن نواب لبنان يهربون أموالاً سورية تحت راية رئيس مجلس النواب؟
ما الغاية من طرح الشعارات في الدراما إن لم تكن في سياقها الصحيح! وأين البدعة أن تنتهي كل حكاية هذه الفقرة من المسلسل على عبارة (لا يزال التحقيق مستمرًا)!
هل التحقيق لا يزال مستمرًا أمرًا خاصًا بلبنان أم هو كذلك في بلاد الله الواسعة حيث لم يُكشف حتى الآن عن أهم جرائم الإغتيالات السياسية، وحتى في أميركا لم نعرف بعد من قتل الرئيس الأميركي جون كنيدي!
من قتل النائبة ولماذا قتلوها وأصلاً ما مبرر وجودها كلها في المسلسل يحتاج إلى عراف كيف يفهم رأس الكاتب السوري رامي كوسا.
هل الكاتب وحده المسؤول عن مثل هذه الأخطاء أم يتحمل المسؤولية معه المنتج والمخرج والأبطال الذين للأسف لا يقرأون إلا أدوارهم فقط بدلاً من قراءة النص كله؟
إن كانت الدراما عملاً جماعيًا فلا أحمل المسؤولية للكاتب وحده بل للجميع معًا.
نضال الأحمدية