ورد في أخبار المتداولة عن كورونا بصيغتها المتحورة الأخيرة، أن ملكة بريطانيا قد أصيبت بالمرض. التساؤل الذي يطرحه الخبر هو كيف يمكن لقصر محميٍّ افتراضاً، أن يصله أوميكرون، حتى تصاب به؟ والجواب البديهي هو فيما نشرت من معلومات عن أنه سريع الانتشار.
سرعة الانتشار تحمل أيضاً تساؤلات عن ماهيتها، ويمكن إيجاد الجواب عليه بمقارنته بكورونا ومتحور “دلتا” الأبطأ.
والحقيقة، فالقول بالسرعة والبطء فيه شيء من التمويه، أو التضليل، مقصوداً أو غير مقصود، فالمعروف عن كورونا، ومتحوره دلتا، أن انتقالهما من شخص إلى آخر يتم عبر الاحتكاك القريب، وأن التباعد، ولبس الكمامة يكفيان لدرء الإصابة به بنسبة عالية.
السبب في “بطء” الانتشار، هو طريقة انتشار المرض، ويلعب الثقل النوعي للفيروس دورا أساسياً في عمليّة الانتقال، فثقله يكفي لأن يقع بسرعة على الأرض، ولا تطول إقامته في الهواء، ولا ينتقل بسهولة لغير المصاب إلا بنوع من التماس المباشر مع الفيروس، بحسب ما راج عن المصادر الطبية المختصة.
من هنا، يصح القول بسهولة الانتقال، أو صعوبته، في الهواء، والطريقة تتم بسرعة أو ببطء، ما يفترض أن “أوميكرون” خفيف الوزن، ويمكن ان يبقى متطايراً في الهواء، فيسهل التقاطه من الانسان، وبالتالي ينتشر بسرعة مثله مثل “الرشح” أو “الغريب” الموسمي التنفسي.
ولو نظرنا كيف تم انتشار أوميكرون، نجد أنه ما دخل بيتاً إلا أُصيب به كلّ أفراد العائلة، خلافاً لكورونا ودلتا، وهذا يؤكد أن سرعة انتشاره تعني خفة وزنه، وتطايره في الهواء، وبقائه مدة طويلة تتيح التقاطه من الآخرين.
الفيروس يضعف مع الوقت
تساؤلات تدل على أن المراجع الصحية المعنية بالمرض بطريقة أو اخرى، كمنظمة الصحة العالمية، ومؤسسة غايتس، وسواها لم تعطِ الاهتمام الكافي لـ “أوميكرون”، وربما كانت حجّتها أنه خفيف الوطأة، وأقل أذيّةً بكثير من سابقاته.
في ظل جدل حول “أوميكرون”، واقتصار مجابهته على علاجات بسيطة، يعلّق الدكتور المختص في طب الصدر، والأمراض التنفسية أنطون الحايك لـ”الميادين نت” بقوله: “إذا لم يكن لدى المريض عوارض مزعجة، او متطورة، ويقتصر الأمر على بعض العوارض البسيطة كالعطس، وآلام الحنجرة، وبعض ارتفاع بالحرارة، وآلام عضليّة بسيطة، فالعلاج يصبح الراحة التامة، وتناول الكثير من السوائل الفاترة، و”البنادول” حتى يرتاح المريض، والحالة لا تستدعي أكثر من ذلك”.
ويردف قائلاً إن “النظريات التي تتحدث عن ضرورة تناول الفيتامين “سي” والفيتامين “دي”، وما شابه، كمتممات غذائية، خصوصاً في حال حصول نوع من الإرهاق الزائد، والتعب، والانهيار، فهذه المواد ليست مفيدة، فكل التهاب نتيجته ارتفاع في الحرارة، وتعب، وألم عضلي، علاجه فقط “البانادول” ويكفي ذلك”.
أما عن اهتمام المراجع العالمية المختصة بـ”الأوميكرون” فيرى أن “المتخصصين بيولوجياً في العالم، والمعنيين بموضوع كورونا، يعرفون أن الفيروس ينتقل من حالة إلى حالة، ويتحور، وكل حالة جديدة تكون أضعف من سابقتها، ولا يسعنا القول إلا انهم اهتموا بـ “أوميكرون” كما اهتموا بـ “دلتا”، وغيره، ولاحظوا أن النظرية التي تقول أن الفيروس يضعف مع الوقت، وتتراجع شراسته، هي صحيحة، وتأكّدوا من هذا الأمر، وأعطوه الاهتمام اللازم”.
بعض المصابين، خصوصاً منهم ذوي الإصابات القوية، يعتقدون أنه كان من المفضّل إعطاء أهمية أكثر له، لمواجهة تداعياته المجهولة، وغير المحصورة، ولا المنضبطة، خصوصا أنه سهل الانتشار.
أوميكرون بحسب تجربة كثيرين ممن أصيبوا به، مزعج في الحدّ الأدنى، وخطير بما فيه الكفاية ليقضي على بعض ممن يعانون أمراضا أخرى، أو يشكّل خطراً ما عليهم. “لا نستطيع القول أن كورونا قتل أكثر من الرشح (الغريب)، فعندما توجد موجات “غريب” قوية، كان عدد الوفيات يرتفع كثيراً”، بحسب الحايك.
والأهم من هذا كله ظاهرتان يتسم بهما، أولاً، تنوّع تداعياته على الانسان، من صداع، وآلام المفاصل، وآلام الظهر، والسعال الجاف، وإصابة الحلق، وبطء الذاكرة، وأعراض أخرى عديدة، وثانياً، بقاؤه متفاعلًا في الجسم لمدة أطول من فترة الحجر المطلوبة لدى مصابي كورونا، وفي كثير من الحالات، يخشى أن تتنقل العوارض لدى مصابٍ من حالةٍ لحالةٍ، وقد تتكرر ذاتها بعد غيابها بفترة، يكون المصاب فيها عرضة لبقية العوارض.
بنظر الحايك، كما يقول، “إننا نلامس المراحل الأخيرة من كورونا، وسيتحول المرض إلى حالة استيطانية مع الانسان، مثله مثل الفيروسات التي سبقته كال H1N1، أو “الغريب”، والانسان سيتعود على المرض كما تعود على سابقاته”.
أما حول ما يمكن التخوّف مما يحمله من ترسبات، وتداعيات مستقبلية غير مدروسة ما بعد الشفاء، يرى الحايك إنه “بعد انتهاء العوارض، لا ضرورة لاتخاذ أية إجراءات، وإذا كان المقصود الكمامة، والتباعد، وما شابه من تدابير رافقت المحاذير حول كورونا، فأعتقد أنه لم يعد لذلك ضرورة، فقد بدأ العالم يعود إلى الفتح، والحياة الطبيعية”.
ويرجّح الحايك أن تظهر موجات جديدة من الفيروسات كما في مختلف الحقب التاريخية، “إلّا إذا صار الانسان عقلانياً أكثر، وعرف كيف يتعامل مع الطبيعة بشكل دقيقٍ وراقٍ، ولا يجوز انتهاك الطبيعة لتُجنى منها الثروات الطائلة، لصالح شركات أو بلدان معينة”.