أمس شاهدت حلقةً تلفزيونيةً من العمر عنوانها مسيرة حياة ضيفتها القديرة التي كلّما أطلّت تألقت، وكلّما ظهرت بأي مشهد مهما كان مكتظًا، سحبت جاذبيته كلّها نحوها.
تصبح دائمًا محور الحديث ومحط الأنظار أينما تواجدت، ومهما كان الذي يقف أمامها.
ليليان_نمري ابنة العملاقيْن اللذيْن رحلا جسدًا وبقيا روحًا وفنًا، شرّنو وعلياء نمري، هما أكبر من أي ألقاب تُمنح، اسماها أكبر من ألقاب الكون بأسره.
ظهرت (ليلو) مع المذيع شادي ريشا ضمن برنامجه (سهرة عمر) على شاشة تلفزيون لبنان، لتعلّمنا دروسًا من جيب الحياة والمهنة والتجارب التي حوّلتها لعبرٍ قيّمة.
بإطلالةٍ أنيقة ساحرة بعيدة عن التكلّف، بعفويةٍ مطلقة عشقها اللبنانيون كما الآلاف من العرب، تحدّثت ليليان عن علاقتها بوالديْها وما تعلّمت منهما وسردت أجمل لحظات حياتها معهما.
لغةُ جسد تحت السيطرة، ضحكةٌ بحدود، حزنٌ بحدود، تفاعلٌ بحدود، غضبٌ بحدود، هدوءٌ بحدود.. مرت ساعة ونيّف وأنا أردد هل من مزيد يا ليليان؟
من مسؤولياتي كصحافي تغطية جميع البرامج التلفزيونية، إلا أن المسؤولية هذه المرة تحوّلت لشغفٍ ومتعةٍ لم أشعر بهما منذ سنوات طويلة.
كانت حلقة ليليان الأجمل بين كلّ اللقاءات التي شاهدتها لسنوات عبر الشاشات اللبنانية.
رغم ابتسامتها التي لم يخفْ بريقِها لحظةً، روت النجمة الكبيرة دخولها الوسط الفني: (لم أحقق أي حلم من أحلامي حتى اللحظة، دخولي صدفة واستمراري صدفة، فجأة وجدت نفسي داخل هذا الوسط).
تابعت: (والدي شجّعني كثيرًا لكن أمي خافت علي، رغم ذلك كلما وقفت أمامها بمشهدٍ، كانت تمدني بجرعات الثقة والقوة ولو على حساب نفسها).
أضافت تتحدث عن طفولتها وكيف عانت من تنمر البعض على بدانتها: (كنت انزعج من كلامهم القاسي حول وزني، آنذاك لم نكن نعلم بكلمة التنمر المنتشرة حديثًا، لكنني تصالحت مع نفسي بعمر السادسة عشر عندما اقترب أحد الشبان مني وحاول التحرش اللفظي بي، شعرت آنذاك أن الفتاة البدينة أيضًا مرغوبة ويحبها الشباب).
الرسالة الأجمل التي جعلتني أصفّق من مكاني كمشاهد وأنسى الإطار الذي فصلني عنها، كانت من الصبوحة لها، عندما زارتها للمرة الأخيرة وسألتها عن سبب غيابها عن شاشة التلفزيون، لترد: (الله كريم).
لكن الراحلة صباح فاجأتها بتعقيبها: (أنتِ عملت مع الكبار مع من تعملين الآن؟).
كلام استبشاري للشحرورة منذ ٩ سنوات نقوله الآن وربما تردده الأجيال التي ستخلفنا.
من يعمل مع الكبار، يجد صعوبةً بالوقوف أمام أي أحد، كما وصفت الراحلة.
ليليان آخر نجمات العصر الذهبي، وجّهت رسالةً من القلب لكل من يتناول اسم والدتها أو والدها أو أي عملاق بهدف إرسال مطالبه للدولة تضمّنت الآتي: (يحق لأي فنان أن يطالب من النقابة أو الدولة ما يريده، لكن ما من داعي لزج أسماء الكبار وكأنهم رحلوا مذلولين، كلهم ماتوا على فراشهم مُكرمين، وعندما يتحدثون بهذه الطريقة المسيئة عنهم يوحون للناس أننا أي أولادهم تركناهم ولم نبقَ جانبهم ونعتني بهم بسنواتهم الأخيرة).
أما أقوى مواقف الحلقة عندما حكت عن ضرورة وجود الزوج بحياة أي امرأة وأكملت: (بزمن كورونا بدأت أشعر بقيمة الرجل بحياة المرأة، مهما كان سيئًا وخائنًا فلن يقسى قلبه عندما تحتاجه زوجته أو تمرض ولن يتركها تعاني وتتألم دون أن يتصل بالدكتور ليلًا).
عبدالله بعلبكي – بيروت