رغم مرور أكثر من شهرين على طرحها لألبوم (كدة باي)، إلا أن نوال الزغبي فشلت في كسب رهان شركتها (روتانا) عليها، ولم تحقق أرقامًا تُذكر عبر المتاجر الموسيقية عن عشرة أغنيات لم تصلّ واحدةٌ منهم لشهرة (ملعون أبو العشق) لزميلتها نجوى كرم، ولا لأي من أغنيات ألبوم إليسا ال(١٦).
الألبوم فشل أيضًا بالحفاظ على المراتب الأولى عبر النسخ المدمجة (CD)، بعدّة فروع من مراكز الفيرجن ميغاستورز في دول الشرق العربي رغم الحملة الترويجية الهائلة التي نظّمتها (روتانا) له، وتضمنت إطلاق فيديوهات دعائية مصوّرة لكل أغنية.
نوال من الفنانات القليلات اللواتي لمعنّ ببداية التسعينات، ونجحنّ بالوصول إلى الصفوف الأول، وأطلقنّ عدة إصدارات فنية حققت نجاحات باهرة، إلا أنها بدأت تتخبط منذ سنوات، وتراجعت بشكل ملحوظ لتخرج من لائحة أكثر الفنانين والفنانات مشاهدةً وإستماعًا ومتابعةً من المستمعين العرب، أمام عدّة أسماء شابة لم تقدّم مسيرة كمسيرتها، وليس في سجلها ما لديها.
عدّة عوامل ساهمت بتراجعها جماهيريًا، نذكر منها:
- أولًا: التكرار بنوعية الأغنيات التي تعتمدها، ونوعية الإطلالات… نوال وجمهورها يقولون إنها نجمة ذهبية وإستثنائية لا تصلح للمقارنة مع إحداهن من المنافسات، ولديها ما يميزها، ولا نشك بكلّ ما حققته من نجاحات عبر عقدين من الزمن، إلا أن الساحة الفنية دائمًا ما تتغير قوانينها وقواعدها وأهواؤها من ذوق المستمع ونوعية البرامج ونمط الأغنيات وطرق وسياسات طرحها، وعليها بذلك أن تعي إن الإستمرارية لمن يتغير ويواكب عصره ويفاجئ المستمعين بألوان جديدة لم يؤدها سابقًا تجعلها نجمة تستطيع الوصول إلى كافة الأذواق والفئات العمرية.
- ثانيًا: الشخصية النمطية؛ تتميز نوال بحضور مسرحي مميز، ترقص بطريقة منفردة، وتتفاعل مع الجمهور برقي، تحرك يديها، ترفعهما، تهز كتفها على إيقاعات الموسيقى… حركاتها كلّها كوّنت لها شخصية مختلفة عن الأخريات حفظت في العقول، إلا أن الصورة النمطية مهما كانت رائعة تصيب أحيانًا المشاهد بالملل…
ما تحتاجه نوال إبداعًا فكريًا أو (نفضة) مدير أعمال، يجعلها تتفاعل بطريقةٍ أخرى مع الجمهور، تخرج حركةً جديدةً على المسرح ربما… يقول علم النفس بإحدى نظرياته: (عندما تسرح شعرك بطريقةٍ مختلفةٍ، يشعر الشخص الذي يراكَ يوميًا بخوفٍ مفاجئ بلاوعيه يبقى لأجزاء من الثانية، يسبب إرتباكه ما يجعله يفكر بإعتماد نوع جديد من التواصل معك، قبل أن يعي أنك نفس الشخص الذي يعرفه)… الجمهور يحتاج إلى نوال مختلفة يرغب بمشاهدتها، ولا يعتاد مشاهدتها، وذلك الفارق الأهم!
- ثالثًا: بعض أغنيات الألبوم التي لم تلق كثيرًا بصوتها، التجديد بالنسبة لنوال كان طرحًا لأغنيات من النوع الرومانسي والكلاسيكي مثل (١٠٠ وجع) و(محاية)، إلا أن المستمعين يفضلون سماعهما بصوتٍ آخر لديه نبرة هادئة أكثر، ومفعمة بالإحساس أكثر… كان بإمكانها أن تغني ذات المواضيع الحزينة لكن بألحانٍ إيقاعية اشتُهرت بها وأحبها الناس… من ينسى مثلًا (ما اندم عليك)، والتي ما زالت تعتبر أنجح وأهم أغنياتها رغم مرور سنوات على إطلاقها.
- رابعًا: توقع نفسها بمشاكلٍ وأزمات مستمرة تؤذي صورتها الفنية، بسبب تصرفاتها التي لا نجدها ملائمة ومدروسة بذكاءٍ، فتنتقد إليسا عبر إعجابها بتغريدةٍ تهاجمها، وتمجّد بنجوى كرم التي ما كانت صديقتها ليومٍ (بعدنا ما فقدنا الذاكرة!)، بوقتٍ عليها أن تسخّر كلّ طاقاتها وجهودها لإنجاح أغنيات ألبومها، وبدل أن تخسر جمهور فنانات الصف الأول كإليسا ونانسي مثلًا، كان بإمكانها أن تكسبهم بذكاء، أو تتجنب معاداتهم لها على الأقل، لأنهم الأكثر عددًا وتأثيرًا على مواقع التواصل، وتعي ذلك جيدًا.
- خامسًا: الألبوم يفتقد ال(HiT) أو الأغنية الضاربة، والتي يسمعها الجميع وتتفوق بالإحصائيات وتصبح على كل لسان، ولو تضمنها وفشلت الأغنيات التسع المتبقية، لكانت رفعت الألبوم لوحدها وجعلته يخترق اللوائح ويحصد المراتب الأولى، كما يحدث مثلًا مع ناصيف زيتون الذي لا تنجح جميع أغنيات ألبومه، بل أغنية أو إثنتين، ومعهما ينجح كلّ الألبوم، وناصيف أيضًا!
عبدالله بعلبكي – بيروت